يجيب النصُّ القرآنيُّ عن أسئلة الوجود والأخلاق والمصير. وهو يجيب عن ذلك بشكل جماليٍّ، فنيٍّ، ولهذا يمكن وصفَه بأنه نصٌّ لغويٌّ، أعني لا بدّ لفهمه من فهم لغته أولاً. وهذه اللغة ليست مجرد مفردات وتراكيب، وإنما تحمل رؤيا معيَّنة للإنسان والحياة، وللكون، أصلاً، وغيباً، ومآلاً. وقد تجسد هذا الشكل الجماليُّ في كتابة فاجأت العرب، بحيث أجمعوا على أنّها فريدة، لم يروا مثلها، وعلى أنها لا تُضاهى، وهكذا لم يعرفوا كيف يحددونها، استناداً إلى المعايير التي يعرفونها، فقالوا: إنها نثرٌ لكنها ليست كمثل النَّثر، وإنها شِعرٌ لكنها ليست كمثل الشِّعر. وهي إذن كتابة أكثر من أن تنحصر في الشِّعر أو النَّثر. وقالوا: إنها كتابة لا توصف، وسِرٌّ لا يمكن سبره. واتفقوا على أنها نقضٌ لعادة الكتابة شِعراً، وسجعاً، خطابةً ورسالة، وأنها من النظم في تركيب جديد.