إن إعادة قراءة نص كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة من قبلنا بأزاء ما قدم من قراءات سابقة له من قبل الدارسين والباحثين، إنما تكمن في إبراز الإشكالية التي ميزت فلسفة الفارابي فيه، ذلك أن معظم الدارسين لفلسفة الفارابي تبعاً لكتاب الآراء قد طافوا حول الكتاب ووجهوا الاهتمام نحو الجانب الميتافيزيقي فحسب، وذلك من خلال البحث في فلسفته الفيضية، وبيان علاقة الله بالعالم وكيفية صدور الموجودات عن الأول، وما صفاته، والتعريف بقسمة الموجود إلى واجب الوجود وهو الله الذي صفته ضروري الوجود وليس له علة وممكن وهو جملة العالم، والتوقف كذلك عند الإشارة إلى الجانب السياسي الاجتماعي في الكتاب من خلال البحث في الإنسان والمجتمع وضرورة الاجتماع الإنساني وعرض لخصال رئيس المدينة الفاضلة ومزايا هذه المدينة وأخلاق أهلها، مع الإشارة إلى مضادات المدينة الفاضلة وهي المدن الساقطة أو غير الفاضلة، مع التعرض بالإشارة إلى مدى تأثر الفارابي بغيره من الفلاسفة السابقين عليه في هذا المجال ولاسيما من اليونانيين.