كانا جالسين إلى البيانو بصرامة واستواء، بجسديهما المتوترين وهما ينحنيان قليلاً إلى الوراء، وكأن الموسيقا تشق الهواء أمام خيول لا مرئيّة في حكاية خيالية تجرّ عربة ملتهبة متقدمة وسط عاصفة فوق العالم وهي تعدو؛ بينما هما الاثنان يبدوان وكأنهما يمسكان بإحكام، بجسد منصب وأيادٍ ثابتة، عنان تلك القوى الجامحةً. فجأة انتهت الموسيقا بضربة جافة. شعاع من شمس شفقية دخل من النافذة المفتوحة؛ في هالته المضيئة ترقص ذرات ذهبية من الغبار وكأن الخيول السماوية للموسيقا، وقد أصبحت قصيّة، رفعت الغبار في طريق السماء الذي يقود إلى الخراب والعدم.