قصصٌ تقصُّ ما جرى معها على لساني، وتستحثُ للتعبير والشرح بياني، وكيف لا… وكنتُ معها في خيرها وشرِها، وما فكّرتُ لحظةً في هجرها، وأزمعتُ أن أقوم على نشرِها، فهي ليستْ مفتراةً وما كانت خيالا، ولا أقصُّها لرفاهيةٍ ولم أبكِ بها أطلالاً، ولا أقصدُ بها النفع وقد كُسِي إهابُها جمالاً، ليشعرَ السامعُ أنّها باستساغتها تفوقُ الماءَ الزلال، وبعِبَرها نكشفُ الطيّب والبليد والذكيَّ والمحتال، ويُقالُ: ليس القصدُ من القصصِ صدقَها بل عِبرها، فاكتب ما شئتَ من خيالٍ وافتراءٍ ليشمَّ الناسُ من القصصِ عطراً نشرَها، وأنا أشدُّ على يدِ مَن يقولُ هذا ولكنَّ قصصي تروي عمّا جرى في عيادتي ومهنتي وهيهاتَ أن أتخيّل صورها، فقد رأيتها رأي العين، وأخفيتُ أسماء أبطالها لئلا أغتاب الناس وأقع في الحرام والشَيْن، ومهنةُ الطبِّ مهنةٌ شريفة، وحفظ أسرارِ الناس واجبٌ وإن كان نزرٌ مُمِّضاً فهيهات أن أرسلً قذيفةً على سرِّه لأفضحَه أو أكشفَ مِن اسمه حروفَه، فنحنُ الطبُّ وقيعانُ الأسرار، ونحنُ النصحُ والحبُّ ونحنُ حولَ مثالبِ الناسِ الأستار.